كتاب التيمم
بسم الله الرحمن الرحيم.
قول الله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} المائدة: 6.
327 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بدأت الجيش، انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالو: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم فتيموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قال: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته.
[329، 3469، 3562، 4307، 4331، 4332، 4869، 4952، 5543، 6452، 6453].
328 - حدثنا محمد بن سنان قال: حدثنا هشيم (ح). قال: وحدثني سعيد بن النضر قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا سيار قال: حدثنا يزيد، هو ابن صهيب الفقير، قال: أخبرنا جابر بن عبد الله:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمسا، لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة).
[427، 2954].
1 - باب: إذا لم يجد ماء ولا ترابا.
329 - حدثنا زكرياء بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:
أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة: جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه، إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيرا.
[ر: 327].
2 - باب: التيمم في الحضر، إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة.
وبه قال عطاء، وقال الحسن، في المريض عنده الماء، ولا يجد من يناوله: يتيمم. وأقبل ابن عمر من أرضه بالجرف، فحضرت العصر بمربد النعم فصلى، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة، فلم يعد.
330 - حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج قال: سمعت عميرا، مولى ابن عباس، قال:
أقبلت أنا وعبد الله بن يسار، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو الجهيم: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام.
3 - باب: المتيمم هل ينفخ فيهما.
331 - حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة: حدثنا الحكم، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال:
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأا أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما كان يكفيك هكذا). فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
[332 - 336، وانظر: 338].
4 - باب: التيمم للوجه والكفين.
332336 - حدثنا حجاج قال: أخبرنا شعبة: أخبرني الحكم، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه:
قال عمار بهذا، وضرب شعبة بيديه الأرض، ثم أدناهما من فيه، ثم مسح وجهه وكفيه.
وقال النضر: أخبرنا شعبة، عن الحكم قال: سمعت ذرا يقول: عن ابن عبد الرحمن بن أبزى. قال الحكم: وقد سمعته من ابن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال عمار.
(333) - حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه:
أنه شهد عمر، وقال له عمار: كنا في سرية فأجنبنا. وقال تفل فيها.
(334) - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن عبد الرحمن قال:
قال عمار لعمر: تمعكت، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يكفيك الوجه والكفين).
(335) - حدثنا مسلم: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن قال:
شهدت عمر، فقال له عمار: وساق الحديث.
(336) - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا غندر: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال:
قال عمار: فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده الأرض، فمسح وجهه وكفيه.
[ر: 331].
5 - باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم، يكفيه من الماء.
وقال الحسن: يجزئه التيمم ما لم يحدث. وأم ابن عباس وهو متيمم. وقال يحيى بن سعيد: لا بأس بالصلاة على السبخة، والتيمم بها.
337 - حدثنا مسدد قال: حدثني يحيى بن سعيد قال: حدثنا عوف قال: حدثنا أبو رجاء، عن عمران قال:
كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإنا أسرينا، حتى كنا في آخر الليل، وقعنا وقعة، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس، وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان - يسميهم أبو رجاء فنسي عوف - ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ، لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس، وكان رجلا جليدا، فكبر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير، حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: (لا ضير أو لا يضير، ارتحلوا). فارتحل فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته، إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، قال: (ما معنك يا فلان أن تصلي مع القوم). قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: (عليك بالصعيد، فإنه يكفيك). ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلانا - كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف - ودعا عليا فقال: (اذهبا فابتغيا الماء). فانطلقا، فتلقيا امرأة بين مزادتين، أو سطيحتين من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، ونفرنا خلوف، قالا لها: انطلقي إذا، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: الذي يقال له الصابىء؟ قالا: هو الذي تعنين، فانطلقي، فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثاه الحديث، قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء، ففرغ فيه من أفواه المزادتين، أو سطيحتين، وأوكأ أفواهما، وأطلق العزالي، ونودي في الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء، وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، قال: (اذهب فأفرغه عليك). وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها، وأيم الله، لقد أقلع عنها، وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجمعوا لها). فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة، حتى جمعوا لها طعاما، فجعلوها في ثوب، وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها، قال لها: (تعليمن ما رزئنا من مائك شيئا، ولكن الله هو الذي أسقانا). فأتت أهلها وقد احتبست عنهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب، لقيني رجلان، فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابىء، ففعل كذا وكذا، فوالله، إنه لأسحر الناس ممن بين هذه وهذه - وقالت بإصبعيها الوسطى والسبابة، فرفعتهما إلى السماء: تعني السماء والأرض - أو إنه لرسول الله حقا. فكان المسلمون بعد ذلك، يغيرون على من حولها من المشركين، ولا يصيبون الصرم الذي هي منه، فقالت يوما لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها فدخلوا في الإسلام.
[341، 3378].
6 - باب: إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت، أو خاف العطش تيمم.
ويذكر: أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة، فتيمم وتلا: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} النساء: 29. فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف.
338339 - حدثنا بشر بن خالد قال: حدثنا محمد، هو غندر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل قال: قال أبو موسى لعبد الله بن مسعود:
إذا لم يجد الماء لا يصلي؟ قال عبد الله: لو رخصت لهم في هذا، كان إذا وجد أحدهم البرد قال هكذا، يعني تيمم، وصلى. قال: قلت: فأين قول عمار لعمر؟ قال: إني لم أر عمر قنع بقول عمار.
(339) - حدثنا عمر بن حفص قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الأعمش قال: سمعت شقيق بن سلمة قال:
كنت عند عبد الله وأبي موسى، فقال له أبو موسى: أرأيت يا أبا عبد الرحمن، إذا أجنب فلم يجد ماء، كيف يصنع؟ فقال عبد الله: لا يصلي حتى يجد الماء. فقال أبو موسى: فكيف تصنع بقول عمار، حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يكفيك). قال: ألم تر عمر لم يقنع بذلك؟ فقال أبو موسى: فدعنا من قول عمار، كيف تصنع بهذه الآية؟ فما درى عبد الله ما يقول، فقال: إنا لو رخصنا لهم في هذا، لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمم. فقلت لشقيق: فإنما كره عبد الله لهذا؟ قال: نعم.
[340، وانظر: 331].
7 - باب: التيمم ضربة.
340 - حدثنا محمد بن سلام قال: أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق قال:
كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري، فقال له أبو موسى: لو أن رجلا أجنب، فلم يجد الماء شهرا، أما كان يتيمم ويصلي. فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}. فقال عبد الله: لو رخص لهم في هذا، لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد. قلت: وإنما كرهتم هذا لذا؟ قال: نعم. فقال أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لعمر: بعثني رسول الله في حاجة، فأجنبت فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنما يكفيك أن تصنع هكذا). فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بها وجهه. فقال عبد الله: أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار.
وزاد يعلى: عن الأعمش، عن شقيق: كنت مع عبد الله وأبي وائل، فقال أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لعمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني أنا وأنت، فأجنبت، فتمعكت بالصعيد، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه، فقال: (إنما كان يكفيك هذا). ومسح وجهه وكفيه واحدة.
[ر: 338].
341 - حدثنا عبدان قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا عوف، عن أبي رجاء قال: حدثنا عمران بن حصين الخزاعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا، لم يصل في القوم، فقال: (يا فلان، ما منعك أن تصلي في القوم). فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء، قال: (عليك بالصعيد، فإنه يكفيك).
[ر: 337].
الشرح (فتح الباري - ابن حجر)
صحيح البخاري
بسم الله الرحمن الرحيم.
قول الله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} المائدة: 6.
327 - حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بدأت الجيش، انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق، فقالو: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فقالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم فتيموا، فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر، قال: فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فأصبنا العقد تحته.
[329، 3469، 3562، 4307، 4331، 4332، 4869، 4952، 5543، 6452، 6453].
328 - حدثنا محمد بن سنان قال: حدثنا هشيم (ح). قال: وحدثني سعيد بن النضر قال: أخبرنا هشيم قال: أخبرنا سيار قال: حدثنا يزيد، هو ابن صهيب الفقير، قال: أخبرنا جابر بن عبد الله:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أعطيت خمسا، لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلت لي المغانم ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة).
[427، 2954].
1 - باب: إذا لم يجد ماء ولا ترابا.
329 - حدثنا زكرياء بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة:
أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلوا، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة: جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه، إلا جعل الله ذلك لك وللمسلمين فيه خيرا.
[ر: 327].
2 - باب: التيمم في الحضر، إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة.
وبه قال عطاء، وقال الحسن، في المريض عنده الماء، ولا يجد من يناوله: يتيمم. وأقبل ابن عمر من أرضه بالجرف، فحضرت العصر بمربد النعم فصلى، ثم دخل المدينة والشمس مرتفعة، فلم يعد.
330 - حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج قال: سمعت عميرا، مولى ابن عباس، قال:
أقبلت أنا وعبد الله بن يسار، مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، حتى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو الجهيم: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام.
3 - باب: المتيمم هل ينفخ فيهما.
331 - حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة: حدثنا الحكم، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال:
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء، فقال عمار بن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر أنا وأنت، فأا أنت فلم تصل، وأما أنا فتمعكت فصليت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما كان يكفيك هكذا). فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه.
[332 - 336، وانظر: 338].
4 - باب: التيمم للوجه والكفين.
332336 - حدثنا حجاج قال: أخبرنا شعبة: أخبرني الحكم، عن ذر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه:
قال عمار بهذا، وضرب شعبة بيديه الأرض، ثم أدناهما من فيه، ثم مسح وجهه وكفيه.
وقال النضر: أخبرنا شعبة، عن الحكم قال: سمعت ذرا يقول: عن ابن عبد الرحمن بن أبزى. قال الحكم: وقد سمعته من ابن عبد الرحمن، عن أبيه قال: قال عمار.
(333) - حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه:
أنه شهد عمر، وقال له عمار: كنا في سرية فأجنبنا. وقال تفل فيها.
(334) - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن عبد الرحمن قال:
قال عمار لعمر: تمعكت، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يكفيك الوجه والكفين).
(335) - حدثنا مسلم: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن قال:
شهدت عمر، فقال له عمار: وساق الحديث.
(336) - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا غندر: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ذر، عن ابن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه قال:
قال عمار: فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده الأرض، فمسح وجهه وكفيه.
[ر: 331].
5 - باب: الصعيد الطيب وضوء المسلم، يكفيه من الماء.
وقال الحسن: يجزئه التيمم ما لم يحدث. وأم ابن عباس وهو متيمم. وقال يحيى بن سعيد: لا بأس بالصلاة على السبخة، والتيمم بها.
337 - حدثنا مسدد قال: حدثني يحيى بن سعيد قال: حدثنا عوف قال: حدثنا أبو رجاء، عن عمران قال:
كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإنا أسرينا، حتى كنا في آخر الليل، وقعنا وقعة، ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس، وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان ثم فلان - يسميهم أبو رجاء فنسي عوف - ثم عمر بن الخطاب الرابع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ، لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه، فلما استيقظ عمر ورأى ما أصاب الناس، وكان رجلا جليدا، فكبر ورفع صوته بالتكبير، فما زال يكبر ويرفع صوته بالتكبير، حتى استيقظ بصوته النبي صلى الله عليه وسلم، فلما استيقظ شكوا إليه الذي أصابهم، قال: (لا ضير أو لا يضير، ارتحلوا). فارتحل فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي بالصلاة فصلى بالناس، فلما انفتل من صلاته، إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم، قال: (ما معنك يا فلان أن تصلي مع القوم). قال: أصابتني جنابة ولا ماء، قال: (عليك بالصعيد، فإنه يكفيك). ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلانا - كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف - ودعا عليا فقال: (اذهبا فابتغيا الماء). فانطلقا، فتلقيا امرأة بين مزادتين، أو سطيحتين من ماء على بعير لها، فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، ونفرنا خلوف، قالا لها: انطلقي إذا، قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: الذي يقال له الصابىء؟ قالا: هو الذي تعنين، فانطلقي، فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثاه الحديث، قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء، ففرغ فيه من أفواه المزادتين، أو سطيحتين، وأوكأ أفواهما، وأطلق العزالي، ونودي في الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء، وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء، قال: (اذهب فأفرغه عليك). وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها، وأيم الله، لقد أقلع عنها، وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجمعوا لها). فجمعوا لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة، حتى جمعوا لها طعاما، فجعلوها في ثوب، وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها، قال لها: (تعليمن ما رزئنا من مائك شيئا، ولكن الله هو الذي أسقانا). فأتت أهلها وقد احتبست عنهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجب، لقيني رجلان، فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له الصابىء، ففعل كذا وكذا، فوالله، إنه لأسحر الناس ممن بين هذه وهذه - وقالت بإصبعيها الوسطى والسبابة، فرفعتهما إلى السماء: تعني السماء والأرض - أو إنه لرسول الله حقا. فكان المسلمون بعد ذلك، يغيرون على من حولها من المشركين، ولا يصيبون الصرم الذي هي منه، فقالت يوما لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدعونكم عمدا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها فدخلوا في الإسلام.
[341، 3378].
6 - باب: إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت، أو خاف العطش تيمم.
ويذكر: أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة، فتيمم وتلا: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} النساء: 29. فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف.
338339 - حدثنا بشر بن خالد قال: حدثنا محمد، هو غندر، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائل قال: قال أبو موسى لعبد الله بن مسعود:
إذا لم يجد الماء لا يصلي؟ قال عبد الله: لو رخصت لهم في هذا، كان إذا وجد أحدهم البرد قال هكذا، يعني تيمم، وصلى. قال: قلت: فأين قول عمار لعمر؟ قال: إني لم أر عمر قنع بقول عمار.
(339) - حدثنا عمر بن حفص قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الأعمش قال: سمعت شقيق بن سلمة قال:
كنت عند عبد الله وأبي موسى، فقال له أبو موسى: أرأيت يا أبا عبد الرحمن، إذا أجنب فلم يجد ماء، كيف يصنع؟ فقال عبد الله: لا يصلي حتى يجد الماء. فقال أبو موسى: فكيف تصنع بقول عمار، حين قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يكفيك). قال: ألم تر عمر لم يقنع بذلك؟ فقال أبو موسى: فدعنا من قول عمار، كيف تصنع بهذه الآية؟ فما درى عبد الله ما يقول، فقال: إنا لو رخصنا لهم في هذا، لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمم. فقلت لشقيق: فإنما كره عبد الله لهذا؟ قال: نعم.
[340، وانظر: 331].
7 - باب: التيمم ضربة.
340 - حدثنا محمد بن سلام قال: أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق قال:
كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الأشعري، فقال له أبو موسى: لو أن رجلا أجنب، فلم يجد الماء شهرا، أما كان يتيمم ويصلي. فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}. فقال عبد الله: لو رخص لهم في هذا، لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد. قلت: وإنما كرهتم هذا لذا؟ قال: نعم. فقال أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لعمر: بعثني رسول الله في حاجة، فأجنبت فلم أجد الماء، فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنما يكفيك أن تصنع هكذا). فضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله، أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بها وجهه. فقال عبد الله: أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار.
وزاد يعلى: عن الأعمش، عن شقيق: كنت مع عبد الله وأبي وائل، فقال أبو موسى: ألم تسمع قول عمار لعمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني أنا وأنت، فأجنبت، فتمعكت بالصعيد، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه، فقال: (إنما كان يكفيك هذا). ومسح وجهه وكفيه واحدة.
[ر: 338].
341 - حدثنا عبدان قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا عوف، عن أبي رجاء قال: حدثنا عمران بن حصين الخزاعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا، لم يصل في القوم، فقال: (يا فلان، ما منعك أن تصلي في القوم). فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء، قال: (عليك بالصعيد، فإنه يكفيك).
[ر: 337].
الشرح (فتح الباري - ابن حجر)
صحيح البخاري